الخُلْعُ كما يعرفه الفقهاء هو الحالة الثانية -غير الطلاق- التي بها تنتهي الحياة الزوجية بين الزوجين، وهو حق خالص للمرأة، إذا وُجِدَت مبرراته الشرعية، وخشيت على نفسها الفتنة في دينها، وعدم قدرتها على القيام بالحقوق الزوجية، فلها حينئذٍ أن تخلع زوجها وتفدي نفسها منه ببعض المهر الذي أخذته منه، أو بكله من دون أن تزيد عليه.
والسؤال هنا: هل الخلع يعد طلاقاً أم فسخاً لعقد الزواج؟
الدكتور محمد رأفت عثمان أستاذ الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بجامعة القاهرة وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف له رأي في هذا الموضوع يقول فيه: الخُلع هو إتفاق بين الزوج وزوجته علي أن يطلقها في مقابل مال تدفعه له، فهو طلاق علي مال، أما الطلاق العادي فلا يشترط فيه المال، وعلي ذلك فإذا خالع الزوج زوجته فإن هذا الخلع لو تم يعد إحدي الطلقات الثلاث التي يملكها الزوج علي زوجته في رأي فريق من العلماء، لأن العلماء مختلفون هل يعد الخلع طلاقا أم فسخاً لعقد الزواج؟ فالذين يرون أنه طلاق يعدونه من الطلقات الثلاث التي يملكها الزوج علي زوجته، وأما الفريق الذي يراه فسخاً فلا يحسب الخلع طلاقاً، وعلي هذا فلو طلق زوج زوجته طلقتين ثم خالعها في المرة الثالثة فلا يعد هذا طلقة ثالثة عند أصحاب هذا الرأي، بل ما زال له طلقة هي التي تختم الثلاث.
لكن الراي الأصح هو ما يراه القائلون بأنه طلاق، ويدل علي هذا الحديث الأصلي في الخلع، وهو أول خلع حدث في الإسلام، فكتب الحديث تبين أن زوجة ثابت بن قيس ذهبت إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله، إن ثابت بن قيس -زوجها- لا أعتب عليه في خلق ولا دين، لكني أكره الكفر في الإسلام -تقصد أنها لا تحب أن تخالف أحكام الإسلام بعد أن دخلت فيه- وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يعلم أن زوجها قد ملكها حديقة مهراً لها. فقال لها صلوات الله وسلامه عليه: «أتردين عليه حديقته؟» قالت: نعم، فأرسل إلي زوجها وقال له: «إقبل الحديقة وطلقها تطليقة». ويلاحظ هنا أن الرسول الكريم سمي الخلع طلاقاً في قوله «طلقها تطليقة».
ويضيف د. رأفت عثمان: ومع أن الطلاق أثناء الدورة الشهرية للمرأة حرام، لكنه يقع علي رأي فريق من العلماء، إلا أن الخلع يصح أن يكون في حال الطهر وفي حال الدورة الشهرية. والمعني في ذلك أن المرأة تريد أن تتخلص من عقد الزواج بأسرع ما يكون، فإشتراط الطهارة من الدورة الشهرية في الخلع تضييق عليها فيما تريد أن تتخلص منه، ومع ان القانون في مصر أعطي المرأة حق الخلع ولم لم يرض الزوج بذلك، فنري أن هذا مخالف للرأي الراجح في الفقه الإسلامي، لأنه لو كان الزوج لا يملك الطلاق، لما طلب رسول الله صلي الله عليه وسلم من ثابت بن قيس أن يطلق، ولحكم الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام بنفسه في الطلاق.
وأيضاً فإن الخلع عقد بين الزوجين علي مال، وكل العقود التي تبرم علي الأموال لابد فيها من رضا الطرفين معاً
الكاتب: نورا عبدالحليم.
المصدر: جريدة الأهرام اليومى.